مراحل العمر
مراحل العمر
مراحل العمر
يمر العمر كأنه لحظات ! لكن ليس المهم مروره , إنما الأهم الأثر الذي تتركه خلفك ! الأهم كيف تصنع فيه ؟؟ الكثير من الناس يستهينون بالعمر , لا يعيرونه أي اهتمام
, و سرعان ما يمضي مرحلة الشباب من العمر , و ترى كمية
الحسرة على وجوه أصحابه , ينعون أنفسهم على رحيل العمر بتلك السهولة !! في بعض المجتمعات العربية , مكتوب العمر في قائمة
التسويف ! يقضي الرجل عمره في عالم من اللهو و اللعب ,
فتارة عند صديق , و تارة في ضحك و استهتار , و تارة يقوم
بملاحقة الملهيااات , حتى يصل الخمسين من عمره , فيرى
العالم من حوله لكن هذه المرة بشكل مختلف , يراه و خارت قواه
, لا يستطيع الوقوف حتى على قدميه , و قد التصق جسمه بالكرسي
المتحرك , يتمنى أن يضع خطوة واحدة على الأرض دون مساعدة
الآخرين , تمتلئ الدموع عينيه , حسرة على ما أمضاه من عمره من لهو و استهتار !! يرى العالم و هو فقير , لا يمتلك حتى مصروف الخبز , لكن بالرغم
من ذلك لا أمل في تغيير الحال !! فالشباب قد رحل , و العجز أسكنت
هيكله الضعيف , و هو كان في شبابه يلعب بالدرهم و الدينار , لكنه
لم يعرف كيف يدير المال , إذ صرف الشباب بالقمار و الملهيات , و
هو الآن في وضع مزر لكن لا جدوى من تغيير الحال ! _-_ هكذا هو الشباب ! لا تدرك قيمته عندما تكن أنت مالكه , و تدرك قيمته و أنت فاقده ! و هذا حال الجميع , و فقط أصحاب الألباب من يولون الشباب الأولوية التامة
, فتراهم يرعون ربيع عمرهم بسقايته بماء العلم و الجهد , يكرسون شباب عمرهم
في العمل الجاد لتضمين مرحلة الكهولة و العجز !! _-_ و حال التسويف بالعمر كحال الجرادة تراها تقضي أيام فصل الربيع في
البساتين و الحدائق المخضرة , تلعب و تلهو , كأن لا غد أمامها , تأكل
من الثمار و تغني أحلى الأغنيات , دون أن تعير فصل الشتاء أي أولوية !! حتى تصادفها فصل الربيع , فترى نفسها قد وقعت في الفخ
, فلا بقىت البساتين الخلابة , و لا الحدائق المخضرة , و السماء
تغرق الأرض بأمطارها الغزيرة , و ثلوجها البيضاء , تريد الهرب
من واقعها الأليم , لكن لو تهرب , إلى أين تهرب ؟ لا فائدة الآن
من الهرب , فتراهها تقاوم الحياة و تقاوم حتى تفقد قواها و تموت !!!! _-_ و هذا لا يعني أن لا تحب الحياة , و تعطي الشباب حقها من
الضحك و السعادة , إذ أن السعادة حق الجميع , فلا تظلم نفسك
, و تمنعها مما تدخل الفرح و السرور في روحها , بل و عكس ذلك ,
عين شيئا من وقتك , تهدي نفسك الراحة و السكينة , تشعرها كأن
لا هم و لا حزن في الدنيا , لكن شيئا من الوقت , و ليس الوقت كله !! ففكرة قضاء العمر كله في إطار من اللهو و اللعب شيء من الجنون !! و
لا يعقل أن يقضي المرء حياته بأكملها بين البساتين
الخلابة و الملهيااات !!! و الموت ماذا لها ؟؟؟؟؟ _-_ لذلك عليك أن تقوم بترتيب حياتك , قم بترتيبها بشكل
عقلاني , أخرج من حياتك كل فكرة تقودك للهاوية , كل
شخص يقف حاجزا ما بينك و بين تطويرك و نجاحك , و
اعلم أن اللذة الحقيقية ليست في اللهو و اللعب , بل
في الأثر الجميل و السمعة الطيبة التي تصنعها لنفسك !! _-_ قم بالنظر للآفاق , و ابحث عن قدر جميل تستحق أن تعيشه
, قدر تسحبك لعالم قد امتلأ بالسعادة الحقيقية , عالم امتلأ
بالإحساس بالرضا نحو ما سيصنعه يداك من الفعل المحمود ,
عالم تدرك فيه معنى وجودك على كوكب الأرض , و لأجل ماذا خلقت ؟
و ما هي الخدمة البشرية التي ستقدمها للبشر . و بما أن الحياة فطرت على الشقاء , فالبحث عن الراحة من المستحيلات !! فلا تخدع نفسك و تغريها بملذات مؤقتة , تفقد بعدها أثمن ما ملكت ! _-_ و نختم السطور بباقة من النصيحة ؛ رعاية العمر و الاهتمام بتفاصيله مهمة دينية و اجتماعية و مسؤولية عظيمة , و التهاون
به يورث الندامة و الحسرة على صاحبه !