الترند الآن

رجوع الإنترنت في أفغانستان وشرائح الإنترنت: ماذا حدث؟

رجوع الإنترنت في أفغانستان وشرائح الإنترنت: ماذا حدث؟

بعد يومين من صمتٍ رقميٍ شبه كامل عاشته أفغانستان نتيجة قطع شبكات الإنترنت والهواتف المحمولة، عاد الاتصال تدريجيًا يوم الأربعاء، إلا أن آثار الانقطاع لم تختفِ فورًا — ولا تزال أسئلة كثيرة عالقة حول السبب الحقيقي والطبيعة الفنية والسياسية لذلك الانقطاع، وتأثيره على شرائح الإنترنت (شرائح SIM) وحياة الناس اليومية.

في هذا المقال نعيد سرد ما حدث بترتيب واضح ونحلّل واقع رجوع الإنترنت في أفغانستان، وكيف تأثرت شرائح الاتصال وحركة الاتصالات المحلية والعالمية نتيجة هذا الاضطراب، اعتمادًا على تقارير نشرتها وكالات أنباء عالمية ومرصدو الإنترنت.

 

لمحة سريعة عن الانقطاع: كيف بدأت القصة؟

بدأت عمليات قطع خدمات الألياف والأقسام المرتبطة بالإنترنت في مناطق محددة قبل أن تتسع إلى انقطاع وطني أُبلغ عنه في أواخر سبتمبر 2025. أجهزة رصد الشبكات أظهرت سقوطًا حادًا في طلبات DNS وحركة المرور على الإنترنت، ما دلّ على قطع خطّي مُنظّم وليس خللاً عابرًا تقنيًا. التقارير أشارت إلى أن القطع شمل شبكات الــ3G والــ4G إلى حدّ كبير، وبقيت خدمات الجيل القديم (2G) محدودة أو متقطعة في أجزاء من البلاد.

 

ماذا تغيّر بعدما عاد الإنترنت؟ (العودة ليست كما كانت)

عند إعلان استعادة الخدمة — والذي بدا أنه تم تدريجياً بعد حوالي 48 ساعة بحسب شهود وتقارير إخبارية — عاد الناس لاستعادة تواصلٍ محدود وسارع البعض لقياس مدى العودة وجودتها. الخدمات لم تعد فورًا إلى مستوى ما قبل الانقطاع؛ كانت السرعات ضعيفة في بعض المناطق، وبعض الشرائح (SIM cards) لا تعمل حتى بعد عودة الشبكات الرسمية، وهذا يعود لأسباب تقنية وتنظيمية نناقشها لاحقًا.

الصحف تحدثت عن عودة الاتصالات ولكن مع بطء في الإنترنت المحمول وقيود على بعض الخدمات، بينما ظلت الأنظمة البنكية والبطاقات الإلكترونية تتعثر أحيانًا بسبب مشكلات التحقق عن بُعد التي يعتمد عليها القطاع المالي. إن هذه العودة الجزئية تُظهر أن إيقاف الإنترنت ليس مجرد تعطيل مؤقت — بل يترك خلفه تأثيرات تشغيلية تمتد أيّامًا.

 

أثر الانقطاع على شرائح الاتصال (SIMs) وسلوك المستخدمين

أثناء الانقطاع، ظهرت ظاهرة شراء شرائح أجنبية (مثل شرائح من دول مجاورة) أو الاعتماد على حلول بديلة كالإنترنت عبر الأقمار الصناعية عند المتاح. تقارير ميدانية نقلت أن بعض الناس اشتروا شرائح إقليمية أو استخدموا SIMs من دول الجوار لتجاوز الحظر المحلي، بينما لجأ آخرون إلى خدمات VPN أو اشتراكات الأقمار الصناعية إن أمكنهم ذلك. هذا التحوّل يعكس فقدان الثقة المؤقتة في البنية المحلية.

وعند عودة الخدمة، واجهت شرائح كثيرة مشاكل تفعيل أو تبطؤًا في الحزم المُشترَكة (data packages)؛ مزودو الاتصالات حاولوا إعادة تهيئة الشبكات وإصلاح التوافق مع البوابات الدولية، لكن هذا الإجراء تطلّب وقتًا. بعض المستخدمين ذكرت أن شرائحهم ظلت “مقعّدة” حتى استبدالها أو زيارة مكاتب شركات الاتصالات لإعادة التسجيل.

 

ما تكشفه التقارير: دوافع الانقطاع والتبريرات الرسمية

السلطات المحلية أوردت تبريرات تقنية أو «أعمال صيانة» أو تبريرات أخلاقية في وسائل إعلام قريبة منهم، بينما رصداء الشبكات وخبراء التكنولوجيا وصفوا الحدث بأنه قرار مقصود له تبعات رقابية وسياسية؛ أي أنه يمكن أن يكون خطوة لضبط تدفق المعلومات قبل أو أثناء أحداث حساسة. المؤسسات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية، اعتبرت الانقطاع إجراءً يفاقم الأزمة الإنسانية ويعيق الخدمات الأساسية.

 

التأثير الاقتصادي والاجتماعي: ماذا خسر الناس خلال 48 ساعة؟

  • القطاع المصرفي: انقطعت معظم معاملات الإنترنت البنكية وتحويلات الحوالات، ما حرم عائلات من استلام دعم أو رواتب.
  • الأعمال الصغيرة: كثير من التجار الذين يعتمدون على الدفع الإلكتروني والطلبات عبر الإنترنت تعطّلت أعمالهم.
  • الهجرة والاتصالات العائلية: المغتربون فقدوا التواصل مع ذويهم في أفغانستان، ومع بداية العودة شعر كثيرون بالارتياح لكنهم ظلوا قلقين من تكرار الانقطاع.
  • الاستجابة الإنسانية: في وقت كانت حاجة المدنيين للمساعدة ماسة (بعد زلازل وكوارث محلية)، أدى الانقطاع إلى إبطاء تنسيق الإغاثة.

اقرأ أيضاً:  انقطاع الإنترنت في أفغانستان 2025: ما القصة؟

 

الدروس التقنية والتنظيمية: كيف يمكن للحكومات والمشغِّلين أن يستعدّوا لمثل هذا الحدث؟

  1. خطط للطوارئ تعتمد على عدة طرق اتصال: شبكات راديو، شبكة 2G احتياطية، وأرقام طوارئ لا تعتمد على الإنترنت.
  2. آليات تفعيل وإعادة تهيئة شرائح الاتصال: أنظمة سريعة لإعادة تفعيل SIM أو استبدالها دون ازدحام طويل أمام مكاتب الشركات.
  3. احتياطي خدمات بنكية وتقنية: نسخ احتياطية من أنظمة الدفع وتقليل الاعتماد الكلي على التحقق عبر الإنترنت في حالات الانقطاع.
  4. الشفافية من السلطات: إعلان الأسباب بشكل واضح لتقليل الشائعات وحماية الأمن المجتمعي. (CBS News)

 

ماذا يعني رجوع الإنترنت للمواطنين الآن؟

عودة الإنترنت أعادت الحياة الرقمية لكنها لم تُعد بناء الثقة بين الناس ومشغلي الشبكات أو السلطات. كثيرون صاروا أكثر حذرًا: حفظوا نسخًا من مستنداتهم المهمة محليًا، اشتروا شرائح بديلة، أو بحثوا عن طرق اتصال مبتكرة. الأهم أن المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية زادتا من دعواتهما لضمان أن يبقى الاتصال متاحًا باعتباره حقًا إنسانيًا لا يجب انتهاكه. (TIME)

 

بين الرجوع والقلق — أين تقف أفغانستان الآن؟

في نهاية المطاف، رجوع الإنترنت في أفغانستان أعاد التواصل لكنه كشف هشاشة الاعتماد على شبكة مركزية واحدة، وأظهر كيف يمكن لقرارٍ تقني أو سياسي أن يخلّ بتوازن الحياة الاقتصادية والاجتماعية. شرائح الإنترنت (SIMs) التي نعتمد عليها يوميًا أصبحت محورًا عمليًا وحساسًا في مثل هذه الظروف — فإما أن تكون وسيلة للبقاء متصلين، أو مصدرًا للإحباط عندما تتوقف.

إذا علّمنا شيء هذا الحدث فهو أن الاتصالات باتت جزءًا لا يتجزأ من البنية التحتية الإنسانية، وأن استقرارها وحمايتها يجب أن يكونا أولوية — تقنيًا وإنسانيًا وسياسيًا. المصادر التي استندنا إليها في هذا التقرير شملت تقارير رويترز، تايم، راديو الحر/راديو أوروبا الحرة، CBS، ووكالات أخرى رصينة تابعت تطوّر الأحداث على الأرض. (Reuters)

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى