مالمراد من قوله تعالى :إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ (12)؟؟
بسم الله الرحمن الرحیم
عندما قال تعالى : ( إنا نحن نحيي الموتى ) أي : أن الله عزوجل سيحيي الموتى يوم القيامة ،
وفي هذه الآية أيضاً إشارة إلى أن الله تعالى يحيي قلب من يشاء من الكفار الذين
قد ماتت قلوبهم بالضلالة ، فيهديهم بعد ذلك إلى الحق وقوله : ( ونكتب ما قدموا )
أي : سنكتب كل ماعملوا من الأعمال خيراً أو شرا .
وفي قوله : ( وآثارهم ) قولان :
أحدهما : نكتب أعمالهم التي باشروها بأنفسهم ، وآثارهم التي أثروها من بعدهم ،
فنجزيهم على ذلك أيضا ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، كقوله صلى الله عليه وسلم :
” من سن في الإسلام سنة حسنة ، كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده ،
من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة ، كان عليه
وزرها ووزر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا ” .
رواه مسلم وقال سفيان الثوري ، عن أبي سعيد قال : سمعت مجاهدا يقول في قوله :
( قال : ما أورثوا من الضلالة .
وقال ابن لهيعة ، عن عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير في
قوله : ( ونكتب ما قدموا وآثارهم ) يعني : ما أثروا . يقول : ما سنوا من سنة ،
فعمل بها قوم من بعد موتهم ، فإن كان خيرا فله مثل أجورهم ، لا ينقص من أجر من عمله شيئا ، وإن كانت شرا فعليه مثل أوزارهم ، ولا ينقص من أوزار من عمله شيئا . ذكرهما ابن أبي حاتم .
والقول الثاني : أن المراد بذلك آثار خطاهم إلى الطاعة أو المعصية .
قال ابن أبي نجيح وغيره ، عن مجاهد : ( ما قدموا ) : أعمالهم . ( وآثارهم ) قال : خطاهم بأرجلهم . وكذا قال الحسن وقتادة : ( وآثارهم ) يعني : خطاهم . قال قتادة : لو كان الله تعالى مغفلا شيئا من شأنك يا ابن آدم ، أغفل ما تعفي الرياح من هذه الآثار ، ولكن أحصى على ابن آدم أثره وعمله كله ، حتى أحصى هذا الأثر فيما هو من طاعة الله أو من معصيته ، فمن استطاع منكم أن يكتب أثره في طاعة الله ، فليفعل .عن ابن عباس قال : كانت الأنصار بعيدة منازلهم من المسجد ، فأرادوا أن يتحولوا إلى المسجد ، فنزلت : ( ونكتب ما قدموا وآثارهم ) فثبتوا في منازلهم .وقوله : ( وكل شيء أحصيناه في إمام مبين ) أي : جميع الكائنات مكتوب في كتاب مسطور مضبوط في لوح محفوظ ، فكتاب أعمالنا شاهد علينا سواءً ماعملناه من خير أو شر سنحاسب عليه.